الأقتصاديةالثقافة والفنالرئيسيةالعربية والدولية

بقلم الدكتوره سوسن الجزراوي

الثروات والكيل بمكيالين

#بقلم_الدكتوره_سوسن_الجزراوي

#الثروات_والكيل_بمكيالين
تعاني الشعوب في اغلب دول العالم ، سواء ماكان منها في الشرق ام في الغرب ، وبالتأكيد انا اشير الى الدول العربية والغربية ، من اشكالية عدم المساواة بين المواطنين في مسألة توزيع الثروات .

وهذا الموضوع لايقف عند حدود زمنية معينة حسب ، بل لربما هو يبدأ منذ الطفولة وحتى الوصول الى الكهولة ، فالمئات والالاف مختلفون في نيلهم القسط العادل من التعليم والرعاية الصحية ، والمستوى الاجتماعي ، وفرص العمل وايجاد سكناً آمناً مثالياً ، وتأمين دخل مالي ، يحمي الانسان من السؤال عند التقدم في العمر .

وامام هذا التفاوت ، تظهر العديد من التساؤلات التي لاتجد في الاغلب الاعم ، اجابات شافية ، مقنعة ، سوى اجابة مؤلمة في معناها وهي : ( غياب العدالة ) في توزيع الثروات ، اذ لايمكن ان تكون الامور خاضعة لمعيار سوي منتظم ، ويوجد المئات من الفقراء والمعوزّين يملأون الشوارع ، ويقطنون المناطق العشوائية التي تفتقر لابسط مقومات البيئة الصالحة للسكن !!

واذا قلّبنا كتب التاريخ ، وجداوله الزمنية ، نجد ان التعبير عن حقوق الإنسان ، هو مفهوم حديث الى حد ما ، إذ لم يدخل حياتنا كونه لفظاً شائعاً ، إلا منذ الحرب العالمية الثانية ، وعند تأسيس الأمم المتحدة عام ١٩٤٥، واعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام ١٩٤٨ ، واذ اتحدث عن حقوق الانسان ، فلأن ابسط حقوقه هي المساواة في المستوى المعيشي .

وحتى ندرك التفسير الواقعي لتوزيع الثروة والدخل ، نجد انها الطريقة التي يتم خلالها تقسيم ( ثروة) ودخل الأمة بين سكانها ، وقد تكون هذه الخطوة هي الاولى في مفهوم العدالة الاجتماعية والتطبيق السليم لحقوق الانسان ، اذ لايمكن بأي صورة او اي شكل من الاشكال ، ان تتحدث الدول والحكومات عن هذه التسمية الانسانية عميقة المعنى ، دون ان تكون هي اولاً عادلة في توزيع الثروات الوطنية حتى لو كانت هنالك فوارق بسيطة وفقاً لمعادلات حسابية يتفق عليها الجميع دون استثناء .

وفي عودة للمفهوم العام لمفردة ( الثروة ) ، نجد انها احد ابواب الاستقرار النفسي عند الافراد ، فالمساواة في الحصول على مدخولات مالية متقاربة ، يسهم بلا شك في بناء مجتمع خالي من الامراض النفسية وعقدة ( القهر المالي ) ، اذ تمكننا الوفرة المالية التي نحصل عليها من العدالة في توزيعها ، من الحصول على دعم عاطفي آمن وغياب القلق المستمر من المستقبل ، فالجميع سيكون متمكناً من الحصول على التعليم والفرص التي يحتاجونها للنجاح ، كما انهم سيكونوا متمتعين بصحة جيدة بسبب ما يحصلون عليه من ثروات تدعم احتياجاتهم الصحية هذه سواء ماكان متعلق منها بالرعاية الطبية او القدرة على شراء العلاجات الدوائية .

من ناحية اخرى ، يرى الكثير من المهتمين بالجانب الاخلاقي ، ان العدالة في توزيع الخيرات والثروات ، اننا تُبقي على الكرامة والإنسانية والمواطنة الكاملة الحقيقية ، ويتطلب مبدأ العدالة التوزيعية أن تكون كل الخدمات ايضا ، متاحة للأفراد حسب الحاجة ، دون وجود للعوائق التي تحول دون الحصول على الاحتياجات المهمة للانسان ، اذ تلعب ازدواجية التوزيع وغياب العدالة فيها ، الى خلق نوع سئ من الطبقية ، والتي غالباً ما يكون فيها الفاحش الثراء ، متسلط بطريقة قاسية على الطبقة الفقيرة ، وكأنه سيد والباقي عبيد .

وهذه لاتأت من فراغ اطلاقاً ، فالطبيعة البشرية توعز لصاحبها (( المستمتع )) بخيرات وثروات بلده ، الى انه اصبح الحاكم بأمر المستضعفين وقليلي الحيلة ممن لم ينالوا حصتهم من ثرواتهم ، وبهذا يصبح المجتمع خاضعاً لقوانين زائفة ظالمة مجحفة ، تسببت بها حالة ( الكيل بمكيالين ) ، هذه التي تغرف لمنح الثري ثراءا مضافاً ، وتقطع ، لتأخذ من الفقير كل ماتبقى له .

وكمحصلة واضحة لكل مااسلفناه ، تبقى الحكومة في كل المجتمعات هي المسؤول الاول والاخير عن وجود عدالة في التوزيع للثروات ، او غياب هذه ( العدالة ) ، وقد يشير البعض هنا حول هذه الجزئية ، الى ان الدولة والحكومات انتقالية ، بمعنى ان الكثير من القرارات تتخذ وتمرر بقوانين ، وتستمر على هذا المنوال كواقع حال لايتم بسهولة تعديله باتجاه الصالح العام ، ونقول : ممكن ، الا ان الحلول هي التي يجب ان يكون لها حضورا يتفوق حتى على القوانين البلهاء التي توضع احيانا ، ومن هذه ( الحلول ) ، الاستفادة من الضرائب والسياسة النقدية التي تضعها الحكومة اذ يمكنها من خلال هذه السياسات ان تدعم اقتصاد الفرد ، كونها الوسيلة الرئيسية التي تستخدمها أي حكومة لإعادة توزيع الثروة والدخل ، فهي تأخذ جميع الأموال المتأتية من الضرائب وتعيد توزيعها على أفراد المجتمع المحتاجين من خلال برامج الرعاية الاجتماعية الحكومية .

ومن الأمثلة على الضرائب وفق القوانين المتعارف عليها والمصرّح بها ، أن من يكسبون دخلاً أقل يدفعون ضرائب أقل ، لكنهم يحصلون على أكبر قدر من المزايا الحكومية ، سواء في مجال التعليم المجاني او منخفض التكاليف ، او في مجال الصحة وكل مايمكن ان يقدم للمواطن عبر هذا القسم الحيوي المهم الذي يرتبط بصحة الانسان ، في حين يدفع الأثرياء من جهة اخرى ، ضرائب أعلى ، لكنهم يحصلون على مزايا حكومية أقل ، وهذا مامعمول به في الدول المتقدمة وحتى في الكثير من الدول العربية التي تعنى بعملية الاستفادة من العوائد والفوائد الضريبية .
#المصادر_العربية_الاخبارية
وفي عودة للبداية ، اود ان اشير الى انني استخدمت كلمة ( اغلب الدول ) ، في اشارة واضحة الى ان هذا الحال في عدم التكافؤ التوزيعي للثروات ، لايشمل كل دول العالم ، فهنالك دول يشار اليها بالبنان لما تقدمة لشعوبها من ثروات وفرص ودعم يجعل افراد المجتمع في مستوى معيشي مرفه ، بعيداً عن كل متاعب الدنيا اي كان شكلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
مشاركة منتدى الذي نظمته غرفة تجارة بغداد بالتعاون مع جمعية المخترعين و المبتكرين العراقية من دار الأزياء العراقية/بحضور السيدة الأولى شاناز إبراهيم أحمد، ومعالي وزير الثقافة الدكتور أحمد فكا... بأاشراف ومتابعة.. السيد مدير عام الاسرة والطفل من العنف الاسري العميد. (مازن محمد محمود الفراجي) والمصادقة على الوثائق الرسمية من قبل الجامعة الأمريكية مصادقتها من قبل وزارة الخارجية الأمريكية وقس... بقلم الاعلامية سوسن الجزراوي رئيس هيأة الإعلام والاتصالات د.نوفل ابورغيف يشارك في أعمال الملتقى الإعلامي العربي في بيروت شارك مركز البيان للدراسات والتخطيط في “منتدى رؤية” الذي نظمته مؤسسة رؤية للدراسات الاستراتيجية (Vis... بقلم دكتور محمد حسام الحسيني بقلم الفريق الدكتور سعد معن إبراهيم رئيس خلية الإعلام الامني قيادة العمليات المشتركة رئيس الجمهورية يلتقي الملك عبد الله الثاني ويؤكدان عمق العلاقات الثنائية وضرورة توسيع آفاق التعاون ف...