الأقتصاديةالثقافة والفنالرئيسيةالعربية والدولية

بقلم الفريق الدكتور سعد معن رئيس خلية الإعلام الأمني

الفن … سلاح ناعم في مواجهة الفكر التكفيري

الفن … سلاح ناعم في مواجهة الفكر التكفيري
بقلم الفريق الدكتور
سعد معن
رئيس خلية الإعلام الأمني
ت١/ ٢٠٢٥
**************
رغم أن المواجهة الأمنية المباشرة للفكر التكفيري لا تزال ضرورة، فإن الحقيقة التي يجب أن نقرّ بها أن الفكر لا يُهزم إلا بالفكر، وأن السلاح لا يُجدي وحده دون خطاب ثقافي وإعلامي وفنّي مؤثر، يعيد تشكيل الوعي ويواجه التطرّف في جذوره. وهنا يبرز دور الفن كقوة ناعمة قادرة على اختراق الحواجز النفسية والاجتماعية، وزرع قيم التسامح والانتماء، في مواجهة ثقافة الإقصاء والعنف.
لقد أثبتت التجارب أن التيارات المتطرفة لا تكتفي بتجنيد الأفراد عبر الخطاب الديني المتشدد فحسب، بل تسعى إلى اختطاف الوعي عبر أدوات الثقافة نفسها، من خلال استخدام “ المحتوى السمعي المؤثر”، والأناشيد التي تُغلف خطاب الكراهية بروح حماسية مزيّفة. وهنا يكون الرد من نفس الساحة ..الفن الهادف الذي يجمع ولا يفرّق، ويُعيد بناء الهوية الوطنية على أسس الاعتدال.
كمتخصص في الإعلام الأمني، وأكاديمي عمل على تحليل خطاب الجماعات المتطرفة، أؤكد أن الفن — سواء في الدراما، أو الموسيقى، أو السينما، أو حتى المسرح المحلي — يمتلك قدرة خارقة على إعادة تشكيل المفاهيم المغلوطة، دون صدام مباشر، بل عبر التمثيل الرمزي والحبكة الإنسانية التي تلامس وجدان المتلقي، وتجعله يعيد التفكير في مسلّماته.
وقد رأينا كيف أسهمت بعض الأعمال الدرامية العربية في فضح خطابات الجماعات التكفيرية، وتعرية تناقضاتهم الأخلاقية والفكرية، بل إن بعضها استطاع أن يخلق نقاشًا عامًا حول مفاهيم الجهاد، والغلو، ، وهي نقاشات كانت إلى وقت قريب من المحرّمات.
لكننا، لكي ننجح في توظيف الفن في المعركة ضد التطرف، نحتاج إلى رؤية وطنية متكاملة، تؤمن بأن الأمن الفكري لا يُبنى بالرقابة والمنع فقط، بل بتمكين المبدعين، ودعم الإنتاج الفنّي المسؤول، وتعزيز شراكة حقيقية بين الجهات الأمنية والمؤسسات الثقافية والإعلامية.
من مواقعنا الأمنية والأكاديمية نرى ان إنشاء “مرصد وطني للفن في مواجهة التطرف”، يكون بمثابة منصة تفاعلية تجمع الخبراء والفنانين والمثقفين لرصد وتحليل وإنتاج محتوى فني مضاد، يخاطب مختلف فئات المجتمع بلغتهم وثقافتهم.
إن المعركة مع الفكر التكفيري ليست معركة حدود، بل معركة عقول. والفن، حين يُوظّف بحرفية وصدق، يمكن أن يكون حليفًا استراتيجيًا في بناء الحصانة النفسية والفكرية لدى أبنائنا.
لنربّي جيلاً يرى في الحياة جمالاً، وفي الاختلاف رحمة، وفي الوطن حصنًا لا يُفرَّط فيه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار