بقلم الفريق الدكتور سعد معن إبراهيم رئيس خلية الإعلام الامني قيادة العمليات المشتركة

الحس الأمني… عين الوطن التي لا تنام
بقلم الفريق الدكتور
سعد معن إبراهيم
رئيس خلية الإعلام الامني
قيادة العمليات المشتركة 
ت١/ ٢٠٢٥
في عالم تتسارع فيه الأحداث وتتعقد فيه التحديات، لم يعد الأمن مسؤولية تُناط بالمؤسسات الأمنية وحدها، بل أصبح ثقافة وسلوكًا ووعيًا جمعيًا يشترك في صناعته كل فرد من أفراد المجتمع. ومن هنا تبرز أهمية الحس الأمني بوصفه القدرة الفطرية والذهنية على استشعار الخطر قبل وقوعه، والتمييز بين السلوك الطبيعي والمشبوه، والقدرة على اتخاذ الموقف الصحيح في الوقت المناسب.
إن الحس الأمني لا يُكتسب بالخبرة الأمنية فقط، بل يُبنى من خلال ثقافة الوعي والانتباه والحرص على المصلحة العامة. فحين يمتلك المواطن حسًا أمنيًا، يصبح شريكًا في حماية الوطن، ومصدر قوة تعزز جهود الأجهزة الأمنية في ترسيخ الاستقرار والسلم الأهلي.
لقد علمتنا التجارب أن الوعي الأمني هو خط الدفاع الأول عن الدولة والمجتمع، وأنّ الشائعة أو المعلومة المضللة قد تكون أحيانًا أخطر من أي تهديد مادي. وهنا يبرز الدور المحوري للإعلام ولاسيما الإعلام الأمني في توجيه الرأي العام وبناء الثقة المتبادلة بين المواطن ورجل الأمن، عبر خطاب صادق ومسؤول يرسّخ مفاهيم المواطنة والالتزام والانضباط.
وفي زمنٍ أصبحت فيه منصات التواصل الاجتماعي ساحات مفتوحة للرأي والمعلومة، بل وأحيانًا للفتنة والتحريض، تزداد الحاجة إلى تعزيز الحس الأمني الرقمي لدى الجمهور، من خلال التوعية بخطورة تداول الأخبار دون تحقق، وفهم أساليب التضليل الإلكتروني التي تستهدف النيل من وعي المواطن وإيمانه بوطنه.
إن الحس الأمني لا يعني الشك أو الريبة، بل هو فطنة ويقظة وطنية، تُترجم بحسن التصرف والمسؤولية، وتقوم على قيم الانتماء والإيثار والتعاون. فالمواطن الواعي هو رجل الأمن الأول، ووعي الناس هو السياج الذي يحمي الدولة من أي اختراق أو انزلاق نحو الفوضى.
إننا نؤمن أن الأمن يبدأ من الفكرة، ومن نظرة المواطن إلى مجتمعه ووطنه. وكلّما ارتقى الحس الأمني في المجتمع، ترسخت دعائم السلم الأهلي، وتعززت ثقة الناس بمؤسساتهم، وازدادت قدرتنا جميعًا على حماية العراق ومكتسباته من كل تهديد، داخلي أو خارجي، ظاهر أو خفيّ.

