بقلم الاعلامية سوسن الجزراوي
الامان الوظيفي في القطاع الخاص

الامان الوظيفي في القطاع الخاص
بقلم الاعلامية سوسن الجزراوي
في نظرية تكاد تكون الاقرب الى الواقع الذي نعيشه ، يعتقد الكثير ممن يعملون في القطاع الخاص ، انهم بلا امان ! والامان الذي اقصده هنا هو الامان الوظيفي ، وقد لا أبالغ اذا قمت بتأكيد تلك النظرية ، فوسط طوابير الخريجين الباحثين عن وظيفة ، وبين آلاف الايادي العاملة التي تسعى للتشبث بمكان يقدم اجراً مادياً ، يجلس ارباب العمل ( الخاص ) منتظرين اي خطأ يُرتكب حتى يتم الاستغناء عن فلان او فلانة ! والاسباب عديدة ، فهنالك غياب واضح لبعض العقوبات الرادعة بحق المالك ، وهنالك ازدواجية في المعايير المهنية التي تفتقر لدراسة دقيقة تضع الامور في نصابها الصحيح ، كذلك وفرة الاشخاص والسير الذاتية التي تقدم ممن ينتظرون دورهم في الحصول على العمل ، ناهيك عن قلة الشركات في القطاع الخاص ، والقلة هذه تكمن في غياب المصانع العملاقة مثلا او المزارع الشاسعة التي تستقطب الاف العاملين والموظفين على حد سواء .
وكما هو معروف في اغلب دول العالم ، فالوظيفة الحكومية هي الاكثر أماناً للمواطن ايا كان جنسه او عمره او تحصيله العلمي او مهاراته ، فانها تمنحه حقوق التمتع بالاجازات براتب وتوفر له بيئة تحيطها ( الديمقراطية ) حتى وان كانت بابسط صورها ، كما انها تهيأ له راتباً تقاعدياً عند نهاية خدمته المقرّة رسمياً ، بالاضافة الى الشعور الاكثر حصانة ، الا وهو ان الموظف والعامل في القطاع الحكومي ، يتقاضى اجره او راتبه من الدولة ، من الحكومة ، ولايمنحه اياه مالك هذا المشروع او ذاك .
وفي الاغلب الاعم ، فان موظفي القطاع الخاص ، يواجهون مواقف عديدة تتمثل احياناً بالمعاملة التمييزية في مكان العمل، اي معاملة الكيل بمكيالين ، وهذا يعني غياب العدالة ، اضافة الى عدم ضمان حقوقهم المنصوص عليها في عقد العمل في كثير من حالات انهاء هذه العقود ، بل ان البعض منها لايتضمن حقوقاً وحماية للموظف أصلا !!
كذلك هنالك بعض سلوكيات الادارة في العمل والتي تنال في بعض الاحيان من كرامة الموظفين تحت شعار : (( اذا ميعجبك اترك العمل )) ، وتطول التفاصيل ، فمثلا هنالك غياب للسلامة المهنية ، والفصل (( التعسفي )) دون سبب وجيه أو مشروع ، قلة الاجازات تحت اي ظرف كان ، قلة الكادر مايحوّل الشخص العامل في القطاع الخاص الى انسان (( خارق )) يعمل بطاقة لاتشبه طاقة الانسان الطبيعي !!
وهنا اقول : إن معرفة الحقوق والسبل القانونية المتاحة في حال انتهاكها ، قادرة ان تجعل الوظيفة الاهلية ، أكثر أماناً في الحياة المهنية .
ليس هذا فحسب ، بل ان القضية برمتها تحتاج تشريع قانوني واقعي ملزم لارباب العمل بدفع مبلغ من المال لقاء توفير ضمان مستقبلي اشبه بالتقاعد ، وهذا ما لانجده في الكثير من مشاريع القطاع الخاص ، اضافة الى ضرورة تفعيل دور النقابات المعنية بالموضوع وكل حسب اختصاصه ، هذا ولا يغيب عن الموضوع ، مسألة تحديد الاجور بما يتناسب والواقع الحياتي واسعار السوق ، حتى وان كانت في الحد الادنى على الاقل ، اضافة الى اهمية مراعاة الاجور الاضافية لساعات العمل ( الاضافية ) ، فالموظف الاهلي ، كما حجر الرحى ان صح التشبيه ، فهو يمنح كل طاقته والبعض يقضي اكثر من عقدين وثلاثة في مجال عمله دون مكافآت تشجيعية ولا زيادة في الاجور ولا عدالة مهنية .
لهذا , يجب ان لا يكون القانون في منأى عن هذه الحقوق التي نتحدث عنها هنا ، فللموظفين الذين أنهى صاحب العمل عقد عملهم دون سبب في إشعار الإنهاء ، أو الذين يدّعون أن السبب المذكور في إشعار الإنهاء غير قائم على سبب وجيه ، رفع دعوى أمام محاكم العمل مع طلب إعادة التعيين خلال شهر واحد من تاريخ إخطارهم ، وعلى أصحاب العمل الذين لا يعيدون الموظف إلى عمله نتيجةً للدعوى القضائية أن يدفعوا له تعويضًا عن أجره لمدة اربع اشهر على الاقل .
وفي المحصلة النهائية ، فان حماية حقوق موظفي القطاع الخاص ، تعد مسألة لا نقاش حولها تهدف الى استقرارهم المهني والمعيشي ، من خلال تطبيق قانون العمل وترسيخ مفهوم العدالة الإنتاجية في العمل .
كما يجب على أرباب الأعمال والجهات الحكومية التعاون الحقيقي لضمان تطبيق قانون حماية حقوق الموظفين .




